مثل هذا الفعل هو تحايل لنهب الأموال، ويعتبر إنكارا لجهود وتضحيات أبطال الجيش العراقي الذين حرروا المدينة وساهموا بإعادة نازحيها.
نقلت مصادر تفاصيلا عن تحقيق تجريه قيادة العمليات المشتركة حول عقد مريب لإزالة العبوات والالغام من مناطق في الرمادي، ابرمته جهات سياسية مستفيدة، بين منظمة UNP البريطانية، وشركة الفهد “الوهمية” التي تعدّ واجهة تجارية لمحافظ الانبار صهيب الراوي، ورجل الأعمال المتنفذ الذي يستحوذ فعلياً على مركز القرار في المحافظة محمد عليان ، العضو في الحزب الاسلامي العراقي. وتشير المصادر إلى ان أطرافا متنفذة تبذل كل الجهود في السعي لايقاف اجراءات التحقيق والتغطية على المتهمين.
وأكدت المصادر أن الذي قام بإزالة العبوات والمتفجرات ، ليس شركة الفهد ، بل الفرقة 14 في الجيش العراقي التي رفعت تقريراً إلى وزارة الدفاع مفادها أن شركة الفهد “وهمية”، وأن جهات عديدة مدنية وعسكرية، بينها الفرقة 14 والفرقة 9 في الجيش العراقي، والشرطة الميكانية، والوقف السني ومنظمات مجتمع مدني ومواطنين متطوعين، هم من قاموا بتنظيف مدينة الرمادي من مخلفات تنظيم داعش الارهابي.
ويؤكد هذه المعلومات كتاب لقيادة العمليات المشتركة يحمل العدد 3/5/1739 في 14/12/2016 وموجه إلى مديرية الهندسة العسكرية.
فيما أشارت مطالعة مؤرخة في كانون الأول 2016 موجهة إلى قائد الفرقة 14 في الجيش وتحمل توقيع المقدم وسام ناجح هلال آمر كتيبة هندسة ميدان الفرقة أن شركة اوبتما البريطانية لرفع الالغام بالتعاقد مع شركة الفهد العراقية كان من المفترض ووفق الاتفاق الذي تمّ في مؤتمر عقد بمقر قيادة عمليات شرق الانبار بتاريخ 16/11/2016 بحضور القادة الأمنيين والمسؤولين المحليين، تقوم بتظيف الرمادي من الألغام والعبوات الناسفة.
لكن الواقع لم يشهد مثل هذه الفعاليات من قبل الشركة التي لم ترفع أية عبوة ناسفة ضمن النطاق الجغرافي الذي حُدد لها ، واقتصر عملها على “تصوير” أماكن العبوات الناسفة التي تمت معالجتها من قِبل القوات الأمنية سابقاً ، ومصادرتها باسمها ، باعتبارها إنجازا لشركة الفهد.
وواضح جدا، ان مثل هذا الفعل هو تحايل لنهب الأموال، ويعتبر إنكارا لجهود وتضحيات أبطال الجيش العراقي الذين حرروا المدينة وساهموا بإعادة نازحيها.
وتعزز المعلومات الموثقة ، وجهة النظر هذه، وكيف أن إفراد الشركة يقومون بحفر أماكن عبوات ناسفة قديمة ويستخرجون بقاياها ويدّعون أنها عبوات ناسفة تحتاج معالجة.
وكانت ” وكالة عراق مستقلون” قد كشفت في سلسلة تقارير عن الفساد في مشاريع الإعمار في المناطق التي تحررت من تنظيم داعش الإرهابي، حيث يجد فيها سياسيون ورجال أعمال، مقترنون بكتل سياسية، الفرصة لجني الأموال من عمليات استثمار فاشل.
ففي رسالة وردت الى ” وكالة عراق مستقلون” من محمد العاني، تفيد بصفقات الفساد في محافظة الأنبار بعد تحررها من تنظيم داعش، تلك المتعلقة بالفساد في مشاريع الطاقة، حيث أحيلت احدى هذه المشاريع الكبرى بمبلغ مليار ومئتين مليون دولار الى شركة “متكا” اليونانية التي أحالته بدورها الى شركة صينية للتنفيذ، وكان بالإمكان التعاقد مع الشركة المنفذة مباشرة ومن دون وساطة.
لكن المهندس تميم مصطفى نوري منسق المشاريع في مديرية الطاقة في وزارة الكهرباء، هو من أرسي صفقة الفساد هذه ضمانا لعمولته بالتنسيق مع أقطاب فساد في الوزارة.
ما يثير في الصفقة ان الظروف الأمنية في محافظة الأنبار أوقفت المشاريع، ولازالت إلى الآن على هذا النحو، لكن صفقة الفساد هذه أتاحت للشركة المصنعة بعد اشهر من سقوط الأنبار تصنيع المواد وتخزينها بعد أن استملت مبلغ مليار دولار حيث استلم الفاسدون عمولاتهم من هذا المبلغ.
ولازالت هذه المواد مخزّنة، بطريقة عشوائية منذ فترة طويلة، وسوف تتعرض الى التلف الكامل بعد فترة وجيزة، خصوصا وان الشركة المنفذة وبعد أن خزّنت المواد اشترطت وضعا امنيا مستقرا جدا، لبدء العمل. وهكذا، يسعى الفاسدون الى إبقاء الوضع على ما هو عليه، حيث ستتلف المواد، الأمر الذي يحتم التعاقد من جديد لاستيراد مواد أولية جديدة.