السيد عادل عبدالمهدي يكتب عن التطبيع
بسم الله الرحمن الرحيم
تجريم “االتطبيع”، تجريم الهيمنة واالاحتلال
الامتنان لصاحب المبادرة السيد الصدر، ولتحالف “انقاذ” و”الاطار” والقوى المستقلة وغيرها التي ايدت وساندت. فالعراقيون يتحدون في قضاياهم الكبرى، حتى وان اختلفوا في الصغرى. والقانون بمجمله يحسم نقاشاً، ويضع سياقاً امام تطورات حاسمة.
1- سيقولون لمَ هذه الضجة؟ قاطعنا بضائعهم، وخضنا حروباً، لم تحقق ما نرجو. لكن تلك قد تكون ضرورة انذاك. انها اقامت حاجزاً نفسياً ومقاوماً منعت الانهيار والاستسلام. كان “العدو” قوياً في جميع المجالات، وكنا ضعفاء في جميعها، عدا في ايماننا وحقوقنا. كان بمقدور “العدو” عمل ما يشاء في فللسطين وخارجها. فجاء ردنا كـ”اضعف الايمان”. وسمح صمودنا ومقاومتنا بارهاق “العدو”، وبناء قدراتنا، للانتقال من التراجع الى الصمود والدفاع الايجابي.
2- حرب 1967 كانت اخر انتصاراته. بدأ ميزان القوى بالتغير. فتطور الكفاح المسلح، وحرب 1973 وعبور القناة وخط بارليف، ومحاولة استرداد الجولان، وتحرير لبنان، وصمود وتحرير غزة، وانتفاضات الحجارة، و”سيف االقدس”، والعمليات النوعية، وجنين والضفة وفلسطين 1948، والبطون الخاوية، وأنفاق الحرية واالمقاومة، ورأي عام عالمي اكثر تفهماً، وقيام جبهة صلبة شعبية -وبعضها حكومية- تمتد من عمق اسيا الى عمق افريقيا، محورها االقدس وفللسطين. فازدادت قدراتنا لفرض ادوات الردع، وقواعد اشتباك جديدة، حيدت الكثير من قدرات “العدو” البرية، بل اوجدت توازنات صاروخية ومسيرة لتفوقه الجوي.
3- فكان امراً طبيعياً ان تظهر مؤخراً الكثير من عوامل الانقسام وتراجع معنويات وقدرات “العدو”، وازدياد قتله الاطفال والنساء والاعلاميين، ووصف منظمات دولية غربية له بنظام الفصل العنصري، وبداية افتقاده لعنصر المبادرة، وارتباكه في خططه وقراراته. فبات بحاجة لنجاحات لمواجهة هذه التطورات. فجاء “التطبيع” كعملية التفاف. ليحقق بالسياسة والاقتصاد والاعلام وتخويف بعضنا من بعض، ما بات عاجزاً عن تحقيقه بالقتال والحرب.
4- موقف العراق في الخط الطولي لتصاعد المقاومة، ونقطة تحول ومبادرة استراتيجية لايقاف تداعيات “االتطبيع”. وسيقلل القانون اجواء الاشاعات والتشويشات التي كثرت مؤخراً، وسيطوق ويحصن ضد من اراد، او ما زال يريد، السير في خطط “االتطبيع”. وستكون المبادرة حافزاً لبقية شعوبنا للضغط على الحكومات والبرلمانات، لافشال هذه المخططات، وارباك “العدو” وكشف عوامل ضعفه.
5- عندما ننصر فللسطين، فاننا لا نتضامن او ننصر بلداً او شعباً اخر. انها قضيتنا. عندما نُهزم في فلسطين، نهزم في العراق، وفي كل شيء ومكان. فالنزاع اساساً على فرض معادلة، رأس حربتها “ااسرائيل”. فهي عنوان الهيمنة الاستعمارية علينا. فان لم نتحرر من هذه الهيمنة، فلا سيادةَ ولا ارضَ ولا قوةَ ولا تنميةَ ولا اقتصادَ ولا سلامَ ولا كرامةَ. ومع استمرارها، سنفقد جميعاً قدسنا واراضينا وثرواتنا وارادتنا وحريتنا. سيفقد العراق والمنطقة مسيحييه، كما فقد يهوده. بل سيفقد معاني مسلميه وشيعته وسنته وعربه وكرده وتركمانه وغيرهم. وسنبقى تجمعات ودولاً مفككة متصارعة. لتأتي منظومات الهيمنة لتتصرف كحَكَمٍ ومُنقذٍ لنا.
فمعادلة الهيمنة الاستعمارية/الصهيونية لا تجعلنا انداداً او شركاء، بل اذناباً واذلاء. فالهيمنة لا تعرف علاقات طبيعية متكافئة. علة وجودها، الاستفراد والاستيلاء لنفسها، والفتات واالعبودية لغيرها. غوربوتشوف -في ازمة بلاده- اعتقد، وهو الدولة العظمى، انه يستطيع التطبيع وان يكون شريكاً. لكنهم حالما فككوا بلده واستغلوا ضعفه، بدأوا بالتقدم لأخذ المزيد، وصولاً لافقاره واخضاعه. فلكل من خارج المنظومة في وقت ما، وملف ما، “ااسرائيله”. ورغم الصعوبات والتضحيات، لكن لن ينتصر عليها سوى من يوفر قدرة ردع العدوان والهيمنة. عندها يمكن قيام نظام، ليس بين اقوياء ومستضعفين. بل بين اسوياء واسوياء. يحمون حقوقهم، ويدافعون عن قيمهم ومعتقداتهم وانماط عيشهم، كما يرون هم في اطار احترام غيرهم، لا كما يرى محتلوهم والمهيمنون على مقدراتهم.
عادل عبد المهدي
27/5/2022
اترك تعليقاً